الطبيعة هي أفضل موقع لإقامة الأنشطة الكشفية، إن بادن باول الذي اعتاد بنفسه على حياة الخلاء وجال جنوب إفريقيا من أقصاها إلى أدناها ونظم الحركة من واقع خبراته الشخصية الخاصة ومغامراته، وذلك لكي يقدم أنشطة يجد فيها الشباب المتعة.
في أحضان الطبيعة يجابه المرء الواقع الذي لا يمكن تزييفه وهناك يقيس المسافات، ويواجه الحر والبرد والمطر والثلج والرياح والجفاف وعناصر لا يمكن الهروب منها وينبغي الاعتياد عليها وبالتالي الاستجابة المناسبة لها. فضلاً عن ذلك، فإذا ما حاول الفرد أن يعيش منسجماً مع الطبيعة فإنه بلا شك سوف يلمس سخاءها وسيشير بضرورة التخلص من زيف حياة المدينة. وحينما نتحدث عن الطبيعة والخلاء فإننا نتكلم عن طبيعة حقيقية ـ الريف والغابة والصحراء والأشجارـ وليس مجرد ملعب المدرسة أو المناطق المحيطة بالمخيم وموقعه. فحتى لو كانت المواقع المحيطة لا تجعل من اليسير النفاذ إلى الطبيعة وحتى وإن لم تكن كافة الأنشطة الكشفية تقام متصلة بالطبيعة فإن المخيمات ورحلات نهاية الأسبوع التي تجري في الطبيعة تظل لا غنى عنها. فبدونها لا يمكن أن تكون هناك كشفية حقيقية.
وتعني الحياة في الطبيعة أيضاً الحياة في انسجام معها واحترامها وحمايتها. وبالنسبة للكشافة فإن نشاط "حماية البيئة" الأول على الإطلاق هو تقدير ومراعاة القواعد الأساسية للتخييم والمخيمات واحترامها فيما لا يتعارض مع الطبيعة.. أما الأنشطة الخاصة بحماية البيئة فإنها تقام فيما بعد لإثراء المقومات الطبيعية للكشفية.
الاستكشاف مع الاتصال بالطبيعة في مكان لا يمكن للفرد أن يزيف من واقعه أو حدوده إدراك الاتصال المتبادل لكافة العناصر البيئية مع بعضها البعض والحاجة إلى الحفاظ عليها مع تقويم السلوكيات الواعية والمسؤولة اليوم والغد والتي تحترم التوازن الطبيعي.
إن تمضية أسبوعين في المخيمات الصيفية أو إقامة مخيم لعطلة الأسبوع مرة واحدة شهرياً خلال العام أياً كان الطقس يعد الحد الأدنى والضروري لكل قائد ومجموعته، ويتم اختيار المواقع بعناية فائقة وتحدد مسبقاً حتى يمكن أن تقدم خدمات وإمكانيات عديدة لإقامة الأنشطة والاستكشاف والتحديات وإجراء "تخييم ذكي" ففي هذا المكان يمكن لكل فرد أن يحقق ذاته وأن يعتمد على مصادره الخاصة ومصادر المجموعة للتغلب على الصعوبات، كما أنه ليس هناك زيف أو اختباء وراء أقنعة داخل المخيم إذ أن حياة المدينة قد تركت هناك وأن الأمر يتعلق بإعادة اكتشاف سبيل للحياة السلسة في بساطة ودون تعقيد.
كما يقدر القائد ومجموعته يقدرون هذه الفرصة المتاحة لإعادة توجيه النفس والتفاعل مع البيئة وكسر السلسلة المتصلة من الاعتماد على الغير ولو لفترة زمنية قصيرة.. وفي أحضان الطبيعة تعيد المجموعة إكتشاف ذاتها وترابطها.
وبهذه الطريقة تقام الروابط بين الأفراد وتعمق المشاركة كما أن الشعور بالانتماء للمجموعة، والذي يختلف عن أي شيء آخر كائن بالمدينة والمدرسة يتم تقويته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق